أكد صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور شوقي ابراهيم علام، رئيس المجلس الأعلى للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، مفتي الديار المصرية، خلال كلمته التي ألقاها اليوم أمام المشاركين في أعمال الدورة السادسة عشرة للمنتدى الإسلامي العالمي عبر تقنية الإتصال المرئي، والتي تقام تحت عنوان" "ثقافة اللقاء: الأخلاق الدينية في فترة الجائحة"، على أن ما حلَّ بالعالم الآن من الوباء المعروف بفيروس كوفيد 19 هو مصابٌ جللٌ يهددُ واقعَ البشريةِ وأمنَها وسلامتها واستقرارها ومستقبلَها، ولابد للخروجِ من هذه الأزمةِ أنْ نتكاتفَ جميعًا حكوماتٍ وشعوبًا ومؤسساتٍ على مستوى العالم حتى نتجاوزَ هذه الأزمة بسلام، مشدداً على دَورِ المؤسساتِ الإفتائيةِ في ترسيخِ ونشرِ القيمِ الإسلاميةِ العريقةِ في التراحمِ والتكافلِ الاجتماعيِّ، من خلال اهتمامها بالجانبِ القِيميِّ والاجتماعيِّ على المستوى الإنسانيِّ وليس على المستوى الإسلاميِّ فقط، لأنَّ الرسولَ الكريمَ صلى الله عليه وسلم أُرسلَ رحمةً للعالمين، بلْ ما أُرسلَ إلا رحمةً للعالمين، فنشرُ قيم التراحمِ والتكافلِ ومدِّ يد العَونِ والمساعدةِ ودعمِ الأبحاثِ العلميةِ والتجاربِ الطبيةِ التي تسهمُ في محاصرةِ هذا الوباءِ والقضاءِ عليه، هو وظيفةٌ أساسيةٌ من وظائفِ السادةِ العلماءِ والمفتين
وأشار سماحته إلى ضرورةِ أن تكونَ الرحمةُ صفةً عامةً بين جميع الخلائق، لا بين جنسٍ وجنس، ولا بين أبناءِ دينٍ واحد، ولا بين أبناءِ عِرقٍ واحدٍ أو بلدٍ واحدٍ، وبشمولِ الرحمةِ يكونُ التعاونُ صادقًا ومثمرًا وعائدًا بالنفع والخير على الإنسانية جمعاء
وأضاف سماحة مفتي الديار المصرية قائلاً:" لابد أن نعييَ ضرورةَ مواجهةِ ما تروجُهُ الجماعاتُ المتطرفةُ الإرهابيةُ من أن التكافلَ والتراحمَ ينبغي أنْ يكونَ صلةً بينَ المسلمِ والمسلمِ فقط، بناءً على عقيدةِ الولاءِ والبراءِ الفاسدةِ التي نشروها بين أتباعهم، فهذه الجماعاتُ الإرهابيةُ ترفضُ المبدأَ القرآنيَّ الكريم، وهو مبدأُ التعايشِ السلميِّ الآمنِ بين جميعِ أبناءِ الإنسانية، وتجعلُ الأصلَ في العَلاقةِ بين المسلمين وغيرهم هي الصدامُ والحرب، ويشجعون أتباعهم على الإرهابِ والصراعِ الدموي تحت دعوى الجهاد، ومن ثَمَّ فهم يحرمُون أيَّ نوع من التعاونِ أو التراحمِ أو التعايشِ أو التكافلِ بين المسلمِ وغيرِ المسلم، في الوقتِ الذي نحتاجُ فيه إلى أن تتحدَّ الإنسانيةُ وتظهرُ بمظهرِ الصفِّ الواحدِ، وأن يكونَ أبناءُ الجنسِ البشريِّ كلِّه يقفُونَ بإخلاصٍ صفًّا واحدًا لمواجهة هذا الوباءِ القاتلِ الذي لم يتركْ دولةً إلا دخلها، وأصابَ وقتلَ الأعدادَ الهائلةَ من المواطنين فيها، وسببَ إرباكًا لأقوى الأنظمةِ الطبيةِ على مستوى العالم، ومن ثَمَّ فإنها وإنْ كانت أزمةً شديدةً حلتْ بنا جميعًا إلا أنها من الممكنِ أن تكونَ فرصةً ذهبيةً لشعوبِ العالمِ أجمعَ منْ أجلِ مدِّ جُسورِ الثقةِ والتعاونِ والمحبةِ في كافةِ المجالاتِ التي تساعدُنا على الخروجِ من خطرِ هذا الوباءِ الفتاك