استقبل سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين في مقر اقامته في المسجد الجامع بموسكو، يوم 21 نوفمبر/ تشرين الثاني، سعادة بيير ليفي السفير فوق العادة والمفوض للجمهورية الفرنسية لدى روسيا الاتحادية
وبحث الطرفان خلال اللقاء أسباب وآفاق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتأثيره على المجتمعين الفرنسي والروسي. كما ناقشا عملية تدريب وتأهيل الكوادر الإسلامية في البلدين كضمان للسلام بين الأعراق والأديان
وقال سعادة السفير بيير ليفي إنه زار المسجد الجامع بموسكو عام 2020، بعد أشهر قليلة من بدء مهمته الدبلوماسية في روسيا. ثم التقى بعد ذلك بالنائب الأول لرئيس الادارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية البروفيسور ضمير محي الدينوف، لكنه لم يتمكن آنذك "بسبب الوباء" من مقابلة سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين، مضيفاً: " إنه لشرف عظيم لي أن ألتقي بكم سماحة المفتي، وكما تعلمون مهمة الدبلوماسي هي التعرف على البلد. لقد كنت محظوظًا جدًا لأنني أُرسلت إلى روسيا، البلد الذي أحبه كثيرًا وأريد اكتشافه بأكبر قدر ممكن، بما في ذلك بُعد الإسلام الروسي. واستفسر سعادة السفير عن موقف الزعيم الروحي لمسلمي روسيا من القضية الفلسطنية".
ورد رئيس الادارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية ومجلس شورى المفتين لروسيا بأنه صديق للرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ سنوات عديدة، مضيفاً: "لقد زارنا عدة مرات، وصلى معنا، وتحدث إلى مسلمي روسيا. ونشعر اليوم بألم في قلوبنا لما يحدث اليوم في غزة".
ووصف سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين أحداث أكتوبر من هذا العام بأنها نتيجة لعقود من احتلال الأراضي الفلسطينية، وبناء إسرائيل لمستوطنات جديدة عليها، والفشل في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والنهج غير المسؤول تجاه حقوق الإنسان فيما يتعلق بالفلسطينيين
وخلص سماحته إلى أن الصراع لن يتوقف حتى يتم حل مسألة إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، مضيفا أن ذلك يجب أن يتم عبر الوسائل الدبلوماسية والسياسية. وابدى سعادة السفير الفرنسي موافقته مع سماحة المفتي على أن الأزمة في المنطقة لها جذور عميقة جداً. ثم تحدث سعادته عن رحلته ضمن وفد حكومي إلى غزة ورام الله حيث أتيحت له الفرصة للقاء بالرئيس ياسر عرفات، مشيراً إلى اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وفد وزراء الخارجية في جامعة الدول العربية ودول منظمة التعاون الإسلامي
وقال الزعيم الروحي لمسلمي روسيا إن المساعدات الإنسانية ووقف الأعمال العدائية هما المهام الأساسية اليوم، وتابع سماحته: "الأطفال يموتون، لا يوجد دواء ولا وقود ولا كهرباء ولا تخدير، والجرحى ملقون على الأرض، ويتم تنفيذ العمليات الجراحية الحية باستخدام مصباح يدوي على الهاتف المحمول. هذا غير إنساني. ويجب على العالم أجمع أن يبذل جهدا لوقف إراقة الدماء. شكرا لفرنسا وروسيا والدول العربية على مطالبتها بذلك. يجب الجلوس الى طاولة المفاوضات".
كما تطرق الطرفان إلى تأثير الصراع على المجتمع في كل من فرنسا وروسيا. وتحدث عن المسيرة ضد معاداة السامية في باريس، وخطاب إمام وحاخام باريس، رؤساء الكنائس المسيحية باسم الحفاظ على الوحدة الوطنية. وطرح سعادة السفير بير ليفي سؤالا حول الأحداث الجارية في داغستان
وفي معرض اجابته، قال سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين رئيس الادارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحاديية ومجلس شورى المفتين لروسيا: "على عكس فرنسا وألمانيا وبريطانيا العظمى ودول أوروبية أخرى، فإن المسلمين في روسيا هم السكان الأصليون لبلادهم. نحن حاملون للثقافة الإسلامية الروسية ونتفهم كافة التحديات التي تواجه المجتمع الروسي. نحن وطنيون في بلدنا، وكذلك اليهود والمسيحيون الروس. "لا توجد خلافات بيننا"، مشدداً على أن الأحداث التي وقعت في محج قلعة تم استفزازها عبر قنوات التواصل الاجتماعي، وقد أدان مسلمو روسيا على الفور المحرضين
واتفق سعادة السفير بيير ليفي مع الرأي القائل بأن الشخصيات الدينية في روسيا تلعب دورًا مهمًا في منع الاضطرابات ومعاداة السامية والعداء للإسلام. لكن النموذج الفرنسي للمجتمع مختلف: فأغلبية المسلمين في البلاد جاءوا من مستعمرات سابقة، وتوصل الطرفان إلى رأي مشترك مفاده أن أهم آلية لدمج المسلمين في حياة المجتمع هي تدريب رجال الدين داخل البلاد، في المؤسسات التعليمية الإسلامية
كما تحدث سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين عن انعقاد اجتماع المنتدى الإسلامي العالمي في باريس عام 2018، وقال: " لقد رأينا أن الإسلام في فرنسا غير متجانس. وقلنا خلال المنتدى أن المسلمين الذين يعيشون في بلدكم يجب أن تكون لديهم هوية مدنية. لقد شاركنا الحضور وعرضنا كمثال كيف يتم تدريب وتأهيل الأئمة في روسيا، ورأينا اهتمامًا بدراسة التجربة الروسية في مجال اندماج المسلمين."
كما حضر اللقاء السكرتيرة الأولى للسفارة الفرنسية في روسيا سالومي جورجييفا، والبروفسور ضمير محي الدينوف النائب الأول لرئيس الادارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، وروشان عباسوف نائب رئيس الادارة للشؤون الدولية، وايلدار علييف رئيس قسم العلاقات الدولية في الادارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية
وفي نهاية اللقاء، أكد الطرفان على أهمية وفائدة الحوار، معربين عن استعدادهما لمواصلة التعاون