12 Jul 2020
أصدر معهد التفكر الإسلامي بياناً يؤيد فيه خطوة إعادة تحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد في ولاية إسطنبول التركية
وأشاد البيان بخطوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإعادة تحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تترجم مشاعر العالم الإسلامي بأكمله، وتعيد تأسيس مشاعر الانتماء المتينة والتقدير العميق والثقة الكبيرة بين الإسلام والإنسانية
وأضاف البيان أن تناول قضية إعادة افتتاح "آيا صوفيا" للعبادة قوبلت بالأسى والأسف من قبل أبناء الحضارة في العالم، مبيناً أن ما ينشر في الدول الغربية أن المسألة هي تحويل كنيسة إلى جامع، بينما الأمر هو إعادة مسجد حوله البعض إلى متحف
وقد تلقى مجلس شورى المفتين لروسيا بيان معهد التفكير الإسلامي، جاء فيه
بسم لله الرحمن الرحيم
بيانٌ حول آياصوفيا
أولاً. إن آياصوفيا هي دار عبادة أنشئت قبل مئتي عامٍ من مولد سيدنا محمد صلى لله عليه وسلم، ولها ماضٍ عريقٌ من حيث تاريخ البشرية وتاريخ الأديان والحضارات ، خصوصاً من جانب التاريخ الإسلامي والتركي
ثانياً. تُجمع المعلومات التاريخية المتوفرة لدينا على أن دار العبادة القديمة هذه تأسست على يد بناته الأوائل لعبادة لله الواحد الأحد الذي خلق الوجود من العدم. واستأنفت هذه الدار وظيفتها في أداء هذه الغاية السامية منذ فتح إسطنبول عام 1453 على يد السلطان محمد الفاتح الذي نال بشرى النبي صلى لله عليه وسلم بالفتح المبين، واستمرت دار العبادة هذه على تلك الغاية السامية دون انقطاع حتى مطلع القرن الماضي
ثالثاً. بعد فتح إسطنبول، أصدر السلطان محمد الفاتح عهد أمان ، منح فيه غير المسلمين حرية الحياة والدين والعبادة في إسطنبول، وقال فيه "سنحميكم كما نحمي أنفسنا"، فأمِ ن الناس على أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم ومعابدهم، مع استثناء واحدٍ ، ألا وهو تحويل آياصوفيا إلى جامعٍ يؤدي الغاية السامية المذكورة أعلاه، وأوقفه و تَرَ كه أمانة في أعناق أمتنا العزيزة لتحافظ عليه دار عبادة إسلامية إلى يوم القيامة
رابعاً. لقد حرص أبناء أمتنا على أداء هذه الأمانة والحفاظ على دار العبادة منقطعة النظير هذه ، وعملوا على ترميم آثار الخراب والدمار التي كانت قد تعرضت لها بين الحين والآخر من ق بل أصحابها السابقين ، ولم يشعروا بالحاجة حتى لتغيير اسمها، وحافظوا على وصفها داراً للعبادة تحيي الغاية السامية لبناتها الأوائل، من خلال إضافة المآذن التي هي رمز التوحيد، والسجود طيلة مئات السنين
خامساً. إلى جانب كونها دارا لعبادة لله الواحد الأحد، ظل جامع آياصوفيا يقدم خدماته حتى 1934 باعتباره مجمع ا للعلم والحكمة والعرفان الالهي،/Hagia Sophia) الحكمة الإلهية)
تماما كما يليق باسمه، وذلك من خلال المؤسسات العلمية التي بنيت حوله في شتى المجالات، ابتداءً من علم الفلك الى الفقه ومن الرياضيات الى العقائد وعلم الكلام
سادساً. في عام1934 ، تم إغلاق آياصوفيا بذريعة الترميم، ثم تم تحويله إلى متحف بقرار متطرف . وهذا الوضع الذي آل اليه حال دار العبادة هذه -بشكل يخالف عصمة المعابد والمكتسبات التاريخية وأحكام الوقف- أحدث حزن ا كبيراً في نفوس أبناء أمتنا، وتحول جامع آياصوفيا الى مصدر خيبات أملٍ تتجذر في النفوس وتفسد طمأنينتها. و تم تقديم قضية جامع آياصوفيا وافتتاحه للعبادة في شتى المحافل على أنها قضية استقلال وحرية بل ووصاية أحيانا؛ فتحولت القضية إلى عقدة دائمة، وأحدث جروحا عميقة لا تندمل في كل فرد من أفراد أمتنا
سابعاً. ورغم كل ما سبق فإن تناول قضية إعادة افتتاح آياصوفيا للعبادة بصفتها دار عبادة إسلامية باعتباره جزء ا من أدبيات المهاترات السياسية التي لا تعرف حدود ا والإشارة إلى هذه المطالب البريئة المحقة باعتبارها صراع ا محتملا بين الأديان والحضارات؛ ليقابل بالأسى والأسف من قبل أبناء حضارتنا التي ما فتئت تفتح باب الحرية أمام جميع الأديان طيلة التاريخ . وخاصة ما ينتشر في الغرب من أن المسألة هي تحويل كنيسة إلى جامع ، بينما الأمر بالنسبة لنا هو إعادة مسجد حوله البعض إلى متحف إلى أصله فحسب
ثامناً. إن فتح أبواب العبادة من جديد لجامع ظل محروما من أهله على مدار 86 سنة اليوم أمرٌ عظيم يثير الفرحة والحماس والسرور. واتفاق المواقف الذي ظهر من الأحزاب والمشارب والاتجاهات السياسية المختلفة؛ أثبت مرة أخرى صحة الخطوات التي تم اتخاذها لتجاوز هذا التأخير التاريخي في موضوع جامع آياصوفيا
تاسعاً. إنه ما من شك أن أبواب آياصوفيا ستظل مفتوحة على مصراعيها اليوم كما كانت من قبل، ليس أمام المؤمنين المقبلين بخشوع فحسب، بل كذلك أمام كل من يرغب بزيارتها أوالاعتبار برؤيتها، كما هو الحال في جميع مساجدنا الكبرى التي تستقبل الزائرين الذين يرون في هذا المكان معراج ا الى المعنويات العالية والتي أثبت أهلها أثبتوا دائما أنهم مستعدون لهذه المهمة بصفتهم أبناء حضارة عريقة
عاشراً. لكل هذه الأسباب آنفة الذكر ، فإن افتتاح آياصوفيا للعبادة أمرٌ يفوق كل تقدير.وهكذا ، فإن خطوات رئيس الجمهورية التركية، السيد رجب طيب أردوغان التي تترجم مشاعر العالم الإسلامي بأكمله؛ من شأنها قبل كل شيء أن تعيد تأسيس مشاعر الانتماء المتينة والتقدير العميق والثقة الكبيرة بيننا وبين الإنسانية جمعاء
وبالله التوفيق
يرجى إبلاغه للرأي العام مع فائق التقدير