ألقى المفتي ايلدار علاء الدينوف نائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية لشؤون العمل الإجتماعي والخيري، رئيس مجلس العلماء التابع للإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، يوم أمس كلمة أمام المشاركين في أعمال المؤتمر الدولي الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت عنوان: "مؤسسات الفتوى في العصر الرقمي"، والمنعقد في القاهرة تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية
وفي مستهل كلمته نقل المفتي ايلدار علاء الدينوف إلى المشاركين في المؤتمر أحر التحيات وأطيب الأمنيات بالتوفيق والصحة نيابة عن سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين، ثم قدّم المفتي علاء الدينوف في كلمته عرضاً عن أنشطة وأعمال الإدارة الدينية لمسلمي مدينة موسكو، ومجلس العلماء التابع للإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، وخاصة في مجال دراسة أعمال علماء الدين المسلمين المعاصرين ومسألة تطوير إصدار الفتاوى الشرعية التي تأخذ بعين الاعتبار الظروف المعيشية وتقاليد المسلمين في روسيا
وقال المفتي ايلدار علائ الدينوف في كلمته:
أود بدايةً باسم الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، ومجلس علماء روسيا، وبالنيابة عن سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين أن أنقل أليكم أحر وأعطر التحيات مشفوعة بأطيب الأمنيات لكم بالصحة والعافية والسعادة، وأن أتوجه بجزيل الشكر والامتنان لدارالإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم على هذه الدعوة، التي منحتنا شرف  المشاركة في هذا المؤتمر الدولي الهام، والذي نتمنى له كل التوفيق والنجاح والتوصل إلى نتائج مثمرة بإذن الله تعالى
كما هو معلوم لفضيلتكم أن الأراضي الروسية كانت جزءًا من العالم الإسلامي منذ القرن السابع. وفي بداية القرن العاشر الميلادي، ولدت أول دولة إسلامية في هذه البقعة الجغرافية، وفي العام القادم 2022، سيتم بإذن الله تعالى الاحتفال بالذكرى الـ 1100 لاعتماد الإسلام رسمياً من قبل شعوب دولة البُلغار في حوض الفولغا
وأضاف المفتي علاء الدينوف: "وتعد روسيا الاتحادية دولة علمانية. لذلك، فإن إحدى المهام الرئيسية التي تقع على عاتقنا هي تمثيل مصالح المواطنين المسلمين على مستوى الدولة. وهنا نود أن نشيد بالرئيس فلاديمير بوتين، حيث تنتهج الدولة برئاسته سياسةً تهدف إلى الحفاظ على السلام والوئام بين ممثلي جميع الأديان وتعزيزه، ونعتقد أن هذا التنوع الديني والعرقي، يجب أن يشكّل ثراءً ثقافياً يؤسس لتحقيق مزيدًا من التطور والإزدهار في البلاد، وبالتالي يتوجب علينا أن نكتشف تكشف معاني الإسلام الحقيقة العميقة، ونعمل على نقلها للناس في سياق الأهداف والتحديات التي تواجهنا في عالمنا المعاصر، مع مراعاة واقع بلادنا والحالة الراهنة في العالم أجمع. الأمر الذي يتطلب منا في ظل المتغيرات في عالمنا العالم المعاصر مرونة في التفكير، والدراسة المستمرة، واكتساب معارف ومهارات جديدة
وفيما يتعلق بمهام وعمل مجلس العلماء التابع للإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، أشار المفتي ايلدار علاء الدينوف إلى أن الأهداف والمهام الرئيسية للمجلس فهي: إعداد الفتاوى حول القضايا المعاصرة الناشئة للمسلمين (فقه النوازل)، وترجمة المنشورات والإصدارات الدينية الهامة، ودراسة الأفكار المبتكرة في العالم الإسلامي، وشرح وتفسير الأحكام التقليدية للدين الإسلامي بناءً على طلب الجهات الرسمية في البلاد
ويجتمع مجلس العلماء التابع للإدارة الدينية لمسملي روسيا الاتحادية حسب ما تقتضيه الحاجة مرة كل ثلاثة أشهر، وتستمر اجتماعاته مدة يومين. ففي اليوم الأول يثري أعضاء المجلس قاعدتهم المعرفية من خلال الإستماع إلى المحاضرات والمشاركة في الندوات، حيث نسعى في كل اجتماع دعوة أحد العلماء المتخصصين في مجال إصدار الفتاوى من خارج البلاد. وفي اليوم الثاني للاجتماع ، يشارك أعضاء المجلس في المناقشة واتخاذ القرار بشأن الموضوعات الموضوعة للبحث حسب  جدول أعمال المجلس المعد مسبقاً
وفي إطار النشاط العلمي لمجلس العلماء، وإصدار الفتاوى، تتم دراسة جميع المسائل الموضوعة للبحث والمناقشة أمام أعضاء مجلس العلماء بعمق كافٍ، حيث يقوم لكل طرف من الأطراف المؤيدة لهذا الرأي أو ذاك بتقديم الحجج والأدلة والبراهين الشرعية بشيء من التفصيل
وصحيح أنه من الأهمية بمكان أن يختار المجلس الرأي الذي يتوافق مع رأي الأئمة وعلماء الدين الإسلامي، ولكن في الوقت ذاته لا بد من الأخذ بعين الاعتبار الواقع الراهن الذي يعيشه مسلمو روسيا
وأود أن ألفت انتباهكم إلى حقيقة أن الفتاوى الشرعية وجدت بالأساس لايجاد حلول لبعض المسائل والمشكلات ذات طبيعة مختلفة، ومتعلقة بظروف الحياة والمواقف المتغيرة، لذا يتوجب أن تكون هذه الحلول مرنة وليست مقولبة أو متحجرة. وهذا من المبادئ الأساسية لإصدار الفتاوى في مؤسستنا
ومن الجدير بالذكر، يولي مجلس علماء روسيا الاتحادية اهتمامًا كبيرًا لقضية احترام القوانين المحلية والاتفاقيات النافذة، عند دراسته و إصداره لأي فتوى
في الوقت نفسه، يسعى المجلس للعمل مع أمهات الكتب والمصادر العلمية الأولية، وبالتالي، فإن المرحلة الأولية للعمل تتجسد في الترجمة الدقيقة للمواد العلمية المختارة إلى اللغة الروسية.
وكما سبق وذكرنا، فإن مجلس علماء روسيا يقوم بإصدار الفتاوى بناءً على الأدلة الشرعية المستمدة من مصادر التشريع الأساسية القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، وأعمال علماء المذاهب الفقهية السنية الأربعة، وقرارات مجالس العلماء ودور الإفتاء العالمية، وفي مقدمتها دار الإفتاء المصرية وغيرها من المنظمات المماثلة
وبالنسبة لنا، نرى أنه من المهم أن لا تتسبب ظاهرة الإختلاف في الآراء العلمية والفتاوى عند السادة العلماء الأجلاء الأكفاء في احداث اضطراب وبلبلة في صفوف عامة المسلمين، وأن لا تكون سبباً للخلاف والفرقة بين المسلمين. لطالما أن الاختلاف في الرأي الذي يحدث في إطار القواعد الفقهية العامة، يتيح للناس مجالًا إضافيًا رحباً للممارسة الدينية. ولكي يتحول هذا الإختلاف في الرأي عند أئمة الإسلام ليصبح مصدرًا لليسر والرحابة والرحمة من الله تعالى للأمة، واتساعًا فى شئون حياتها وأمور آخرتها؛ لا بد من العمل المشترك والتفاعل البنّاء والتعاون المثمر بين مختلف العلماء والهيئات العاملة في مجال صناعة الفتوى سواء داخل البلاد أو على المستوى الدولي