بعث سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين برقية تعزية إلى الأمة الفرنسية بضحايا الهجوم الإرهابي الذي وقع يوم أمس في مدينة نيس، وأسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين أبرياء، جاء فيها
باسم الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الإتحادية ومجلس شورى المفتين لروسيا ، وباسم مسلمي روسيا وباسمي شخصياً، أتقدم بأحر التعازي القلبية لمواطني الجمهورية الفرنسية بوفاة ثلاثة مواطنين، نتيجة الهجوم اللا إنساني الذي تعرضو له في كنيسة نوتردام دي في مدينة نيس
ونؤكد على إدانتنا الشديدة وبشكل قاطع لكل عمليات القتل خارج نطاق القانون، وكذلك الهجوم على الأبرياء انتقاماً لأفعال معينة، ونشارك مواطني فرنسا ألمهم وغضبهم ورفضهم لهذه الجرائم، معربين عن حزننا العميق، وتعاطفنا مع الأمة الفرنسية وعائلات الضحايا التي أصابها هذا الحزن الكبير اليوم، ومع كل من يتألم لآلام ومآسي الآخرين
لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالحفاظ على النفس البشرية بقوله الله تعالى في القرآن الكريم: " مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ " سورة المائدة، الآية 32
ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار جرائم القتل هذه أعمالاً تستهدف نصرة الإسلام، أوالدفاع عن شرف الإسلام ونبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وسمعته الطيبة. فلقد واجه الرسول نفسه (صلى الله عليه وسلم) في حياته أبشع أنواع الإهانات والفظائع، والتي كان يتجاوب معها ويقابلها دائماً بالعغو والصفح وطيب الخلق والكرم
كما ندين بأشد العبارات الممكنة، نشرالرسوم الكاريكاتورية المسيئة وتكرارها، ونعتبرأن هذا العمل هواستفزاز صارخ. وأعتقد أنه إذا كان لدى أي منا، حتى ولو شيء قليل من الشعورالوطنية، فسوف يشعر بسخط عميق تجاه أي محاولة للسخرية قد تنال أي من رموز الدولة، على سبيل المثال، علم الوطن
إن الاستهزاء بشخصية النبي (صلى الله عليه وسلم) والتي يقدسها المسلمون بعقولهم وقلوبهم، وكذلك الاستهزاء بالدين يُحدث جروحاً عميقة جداً في نفوس المؤمنين، لا تلتئم، بغض النظرعن الدين. ومثل هذا السلوك المسيء يتعارض مع مفاهيم الشرف والكرامة
نشعر بخيبة أمل شديدة إزاء موقف السلطات الفرنسية. ومع إدراكها بأن هذه الرسوم الكاريكاتورية التي تسخرمن المقدسات تجرح قلوب المؤمنين وتؤذيها، فقد سلكت القيادة الفرنسية طريق الإساءة المباشرة لمواطنيها والمؤمنين ممثلي العديد من الأديان في جميع أنحاء العالم. وتجلى موقف الازدراء تجاه الدين الإسلامي وجميع الشعوب المسلمة للبشرية جمعاء، على أعلى المستويات.
و للأسف نجد في أذهان بعض السياسيين، تتفوق فكرة عدم التوافق الجوهري بين الثقافات والأديان والحضارات، وهوما يعد إنكاراً لإنجازات المجتمع العالمي في القرن العشرين. وليختار كل منا الجانب الذي سيكون في صفه: فإما أن تكون إلى جانب الراديكاليين الذين يتبنون الفصل الكامل للثقافات والشعوب، أو إلى جانب الأشخاص ذوي النوايا الحسنة الذين يتبعون طريق الأخوة والاحترام المتبادلين
أتوجه إلى أخوتي المؤمنين فأقول: إن ديننا النقي الصافي، في أساسه هو الرحمة ودين النوايا الحسنة، ودين التعايش المشترك، وليس دين العداء. ولا يمكن أن تهتز عظمة وقداسة الإسلام بالصور والشتائم والأفلام. إن قداسة الرسول صلى الله عليه وسلم منيعة أمام غرائب الجهلة. وإننا إذ ندين هذه الأعمال المشينة لنشرالرسوم الكاريكاتورية المسيئة، دعونا لا نكون مثل هؤلاء الجهلة، بل تعالو لنحافظ على كرامتنا، ونؤكد على عظمة الإسلام بأعمال نبيلة وعقلانية
القصاص هومن اختصاص رب العالمين وحده، ومخلوقاته مدعوة إلى الأخوة والبناء
المفتي الشيخ راوي عين الدين
رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية
رئيس مجلس شورى المفتين لروسيا